كورونا..شىءٌ عُجاب!!!

كورونا..شىءٌ عُجاب!!!


بقلم د/ محمد سعيد محفوظ عبد الله
            ئئ
انتهج العالم دروبًا حيال مواجهة جائحة كورونا هى إلى الخيال أقرب ؛كما كورونا 
تمامًا فى ظهوره وسرعة انتشاره ونوعية مُصابه الأليم ، وكذا الدول التى تجرعت 
كأس كورونا، تلك الكأس التى احتساها الشريف قبل الوضيع،الثمين قبل الغث، ولن 
أذهب بعيدًا إذا وسمت هذا الجاثم على صدورنا بوَسْم: كورونا ..حرب القرن.بله 
يمكن القول بقليل من التسامح:أفتك من كورونا!!!




ومن نوادر ما حدث تحت وطأة إكراهات كورونا نتلو ما تيسَّر منها:-

حرية الكلمة:-لقد سارع  العالم جميعه –أو كاد-بأن أطلق سراح أكثرية معتقليه ، 
لا سيَّما معتقلى الرأى ، ومنها مصرنا الحبيبة ؛ بل والأنكى من ذلك أن تستجيب 
دولٌ مثل إيران والصين ويكون هذا على مرأى ومسمع من العالم كله.

رحمة كورونا:- ومن ذلك أيضا تسامح العالم ، لا سيَّما ألمانيا مع المهاجرين ؛ 
حيث جعلت طلبات اللجوء تقتصر على الأطار الكتابى ، وكان قبلاً يمر بمراحل أقسى 
وأشد تعقيدًا.

أنقذنى رغم أنفى:-مُناشدة  رئيس أكبر دولة –الولايات المتحدة الأمريكيَّة-فى 
العالم ،الصين بُغية مساعدتها إزاء تابوت كورونا ،على الرغم ممَّا بينهما من 
احتراب واقتتال، بل وتبادل اتهامات تُحمِّل تَبِعة ذلك إحداهما الأخرى.
وذات الشىء بالنسبة لروسيا ، التى ارتأت مُناصرة الولايات المتحدة الأمريكية 
تجاه ذات الخطر المُحدق.

التكافل الاجتماعى –تلك الفريضة الغائبة-بين دول العالم ؛تمثَّل ذلك فى إسقاط 
ديون الدول المتعثرة ، وذات الأمر بين جُموع شعوب الدول الأكثر فقرًا ، والدول 
الفقيرة ؛ حين أقدمت حكوماتها على التنازل عن مُستحقَّاتها لديهم.
وما فعلته أمريكا حين غضَّت الطَّرف عن وصول شاحنات ومساعدات بكافة أنواعها 
إلى إيران المنكوبة .


هذا هو:-تخلَّت الدول الكبرى عن الأنانية العلميَّة وتركت سِياج التَّكتم الذى 
اكتنف منهجها العلمى لئلا تقتبس منه الدول الأخرى ومن ثمَّ تلحق بركابها ، 
وغدا العالم بأسره معملاً علميًّا وحقل تجارب، ويُعلن كل ملأ ما توصل إليه 
الآخر فى تكامل علمى فريد.

كورونا المسلم!!! سمح الغرب الأوروبى وكذا الأمريكى بأن يُدوِّى الأذان ويملأ 
جنبات البلاد طُولاً وعرضًا، بل وتُتيح إحدى الكنائس للمسلمين اعتلاء سطح 
الكنيسة ليعلو نداء: الله أكبر، وفى ذلك إشارة ضمنية بالإقرار بالآخر، المسلم 
بعدما كان مُتلبسًا بلباس الجحود والإنكار.

الوطن للجميع:- فريضة التسامح التى سادت دول الخليج حيال المقيمين بها ، 
والتساهل معهم فى أمر الإقامة وتجديدها إلى نهاية العام دون أية غضاضة أو 
ملامة عليهم فى ذلك.

لن أضربك:-انحسار موجة العنف فى الطُرقات والشوارع العامة ؛ لشىء هيِّن يسير ، 
هو الحظر الجزئى ، والكُلِّى فى بعض البلاد ، والمناطق؛ ليس هذا فحسب ؛ بل 
خشية أن يكون أحد المتعاركين مُصابًا ب :كورونا القاتل فتتناقل العدوى ؛ فيخسر 
الظَّالم أكثر من المظلوم.

فرمان كورونا..الكل ناجح:-كورونا لم يرسب أحد:أعلنها السيد الأستاذ الدكتور/ 
وزير التربية والتعليم فى مصرنا الحبيبة ، وقالها صراحًا ؛ دونما مواربة ولا 
مُمالأة: لم ولن يرسب أحد ، فى سابقة هى الأولى من نوعها.

فى بيتنا كورونا:-داهم كورونا العالم ؛فانشغل كُلٌّ ب:كورونته، ولم يعد يُبيح 
لنفسه أن تكون رقيبةً على الآخر ؛ تُحصى عليه سكناته وحركاته.
كورونا الشيطان الهادىء:-الهدوء المُصاحب ل:كورونا ، هدوء لا ينازعه شىءٌ؛ فلا 
صخب ولا لجب يتدافع يترى إثر مراسم زواج أو مناسبات تضجُّ بها المضاجع ، ولا 
حافلات ولا حتى توك توك، طيلة بعض يومٍ  فى دول وربما اليوم كُله فى دول أخرى، 
ممَّا يمنح النفس بعضً من الوقت تجنح فيه إلى بعض أمورها ، تعيد حسابها شطر 
هذه الأمور: محوًا أوتأكيدًا أوإعادة نظر.

لن أقتلك:-توقفت المعارك والمناوشات –أو كادت-بين المناوئين ، فى المناطق 
المُستعرة المُستحرة؛ لمسنا ذلك فى المنطقة العربية مثال : اليمن وسوريا ،كما 
يتم على استحياء فى ليبيا، وعلَّة ذلك تتأكد فى أنَّ كورونا قد تكفل ذلك وتولى 
هو بنفسه هذا الأمر.

لا ...كورونا قاتلى:-أن تقابل رفيقك فى الطرق والساحات ، ولا تضجر، ولا تأسى 
على تجاهله إياه لك ؛ ولسان الحال يقول : لا ...كورونا قاتلى ، لا بل سأذهب 
لأبعد من ذلك حين أذهب إلى القول بأَنك تتمنى-وبحقِّ-ألاَّ يُعانقك ، فضلاً عن 
المُصافحة، ولقد سمعنا عن أمِّ -أبدًا -لم تعانق وليدها إلا بعد عشرة أيامٍ 
كاملة؛ حدبًا وحنوًا عليه وعليها.


كورونا..الذئب يرعى الغنم :-أتت قرارات الدول –خاصة الدول ذات أحادية الحكم –
ذات الحكم الشمولى- فى أكثريتها –ولم أكن ألبتة مُخطئًا إذا حسمت القول : 
بجميعها-تركن إلى مصلحة المواطن ، وإنْ جشَّمت صانعى القرار كبير عناء ماديًّا 
ومعنويًّا، وبالتالى تلقفها قاطنو هذه الدول بشىءٍ من الارتياح ، حتى لو أثقلت 
كاهلهم المعيشى؛ فقد وعى الجميع فداحة وجسامة الموقف ف: كُلنا كورونا.
وفى الختام:-فالبادى على تلك الظواهر التى تمَّ سردها بشىءٍ من 
الإيجاز :غرابتها وغموضها؛ ربما مرجع ذلك مأتىٌّ من الارتباك الحادث جرَّاء 
تلك الجائحة النَّائحة؛ربما أيضًا من تنامى من قُضُوا بشكل متواليَّة 
هندسيَّة؛ أضف إلى ذلك كُلِّه عجز العالم كُلِّه قُبالة كورونا 
القاهر :علميًّا وصحيًّا، لاسيَّما أُناس كُنَّا نعدُّهم من الأخيار طبِّيًّا؛ 
بل إنَّ الجميع مَنْ ارتاد هذا الكوكب الأرضىِّ:ينتظر كورونا ،وقد أتى يحِثُّ 
الخُطى إليه ويخفُّ الرّكب، حامدًا الله تعالى ، شاكرًا أنعمه ؛ إنْ هو توانى 
فى ذلك ، راجيًّا أنْ يضلَّ السَّعى إليه ، وذاك مغزى ما ألمح إليه رئيس وزراء 
بريطانيا: ودِّعوا أحبَّاءكم، وقد تجرَّع بعضًا منه ؛ حيث أضحى رهين الحجر 
الصحى.

هذا جميعُه جعل العالم لا يلوى على شىءٍ، جعله يتحرك على غير هدىٍ وهُدىً؛ 
لعلَّه يبلغ ما يُمنِّى به النفس؛ فهذا التحرك اللاواعى-الذى يدخل تحت 
مُسمًّى: الصُّدفة-هو الذى أتاح للعقل البشرى أنْ تتفتفق عنه اختراعات جمَّة ، 
مثل قوانين الجاذبية ، والطفو ...إلخ.

مع فائق التقدير،
د/ محمد سعيد محفوظ عبد الله

التعليقات
0 التعليقات