الديانة المصرية القديمة - رحلة البعث والخلود

الديانة المصرية القديمة
 رحلة البعث والخلود

"المصري متدين بطبعه " المؤرخ هيرودوت..
هذه المقولة أطلقت خصيصا على الشعب المصري, قديما منذ فجر التاريخ وقبل أن يعرف الإنسان الحضارة, اهتم بان يكون له اله, منذ بدء ظهور البشر في أرض مصر وهم دائما يؤمنون بدين ويتمسكون به ومن الصعب جدا تغيير هذا الدين….حتي ان الاعداء استخدموا الدين للسيطرة علي المصريين واشهر مثال الاغريق عندما ادعوا انهم يؤمنوا بالديانة المصرية القديمة فتقبلهم المصريين ولم يقاومهم بشكل ملحوظ. 

الديانة الفرعونية ليس كما نعلمها  بشكلها السطحي وبعض الأساطير ..انما هي اكثر تعقيدا من ذلك هي اصل الحضارة الفرعونية باكملها, جميع الغاز الحضارة الفرعونية من اهرامات وتحنيط ومقابر اصلها نابع من الديانة, وحل الالغاز يعتمد علي فهم للدين المصري القديم.  
سوف نستعرض ملخص بسيط عن بعض المفاهيم في الديانة المصرية والاساطير المشهورة, والتي تشكل جزء كبير في عظمة الحضارة المصرية مثل الاهرامات و المعابد الشاهقة….. وسنبدا برحلة البعث والحساب.


من اهم مظاهر الديانة المصرية القديمة,هي الإيمان بالبعث والخلود, وهذه الفكرة كانت المسيطرة على المصريين بشكل كبير, و نلاحظها في الآثار الموجودة حاليا , فهم اهتموا ببناء المقابر والمعابد إيمانا منهم ان في الحياه الاخري سوف يحتاجون الى هذه الابنية مرة اخري...اما القصور والبيوت  فانها فقط لهذه الدنيا  ولم تبني لكي تعيش للابد.

آمن المصرى القديم أن هذه الحياه هي مؤقته وبعد الموت يوجد الحياه الابدية, وامن بالثواب والعقاب,فإن بعد الموت, الروح تتعرض لمحاكمة لتقيم ما أتاه الميت فى دنياه من حسنات وسيئات، فيجازى المُحسن على إحسانه، ويعاقب المُسىء على سيئاته. هذه الفكرة كانت مسيطرة علي فكر الديانة المصرية منذ عصر ما قبل الاسرات اي قبل 3000 سنه قبل الميلاد. نرى ذلك في قبور هذه الفترة فنجد محاولاتهم للحفاظ علي الجسد ووضع الطعام والشراب مع الميت, اعتقاد منهم انه سيحتاج للغذاء بعد البعث.

رحلة البعث:

التحنيط : أمن المصريون باهمية الجسد للحياة الاخرى, فوجب الحفاظ علي الجسد, ومنذ بداية عصر ما قبل الأسرات كما ذكرنا كان يوجد محاولات للحفاظ علي الجسد, واستمرت هذه المحاولات حتي توصل المصريين الي التحنيط في عصر الأسرات. عدم وجود الجسد يعني انه لا يوجد حياه اخرى لهذا المتوفي. كما لاحظ القدماء ان بعض الاعضاء الجسم تتلف إذا تركت داخل الجسم بالرغم من التحنيط ,فقام المصري القديم بنزع هذه الأعضاء ووضعها في اناء مخصوص للحفاظ عليها. فنزع الرئتين, الكبد, الأمعاء والمعدة ووضعهما في اناء علي شكل اولاد الأله حورس الأربعة. وحنط القلب منفصل وتركه في الجسد,حيث ان الميت يحاسب عن طريق قلبه. كانوا يؤمنوا بأن القلب هو الذي يتخذ القرارات وهو الذي يحدد الصواب والخطء, وليس المخ, فكان يتم ازاله المخ والتخلص منه. 



الطعام والشراب: كان له اهمية كبيرة, فكان المصري القديم يؤمن بأن الجسد او الروح عند البعث ستحتاج للماكل والمشرب, فكان من الضروري توفير هذه الاحتياجات للميت.....فكان يجفف الطعام لكي يعيش اطول فترة ممكن حتى البعث. 

وبعد ذلك يأتي دور التعاويذ والأدعية…. التي تسمي ب "كتاب الموتي " ...هي النصوص الدينية على صيغ سحرية وتراتيل وصلوات غرضها هو  توجيه وحماية الروح أثناء رحلتها فى عالم الموتى خلال ال 12 بوابة متجه الى الخلود (رحلة البعث), تساعده على معرفة الأبواب وأسمائها وتعاويذ فتحها والمرور منها والوصول إلى الآلهة,  وتساعده على الحياة في الآخرة.
يمكن ان تري هذه التعاويذ منقوشه علي جدران المقابر , مصحوبة بنقوش القرابين للالهة لحماية الروح…….



نري في جميع المقابر وكذلك الاهرامات باب سحري ….هذه الباب يعتبر بوابة الدخول الي رحلة البعث ورحلة الروح الى الخلود. هذه الرحلة هي تمثيل لرحلة الاله رع "قرص الشمس" , حيث تمثل رحلة غروب وشروق الشمس. 
يسافر رع علي مركبه (مركب الشمس) في نهر النيل خلال 12 ساعة تمثل ساعات الليل, مقسمة الي 6 ساعات نزولا الي قاع العالم السفلي و6 ساعات صعودا مرة أخرى. 

وتنقسم الرحلة الى 12 مهمة خلال 12 ساعة, وكل مرحلة لها بوابة وحارس. والمفترض من رع ومن معه من الهة مساعدة اجتياز هذه الصعاب والمراحل ومحاربة الشر حتي يستطيع ان يشرق مرة اخرى. ويساعد رع علي متن المركب 12 اله, كل اله له تخصص ووظيفة محددة خلال الرحلة. 
وهي نفس الرحلة التي يجتازها المتوفي, فيجب عليه ان يكون علي دراية كاملة بما سيواجه وكيفية التغلب عليه للمرور بسلام الي عالم الخلود. 




 ثم تأتي اخر مرحلة وهي المحكمة. وكانت المحكمة مؤلفة من 42 قاضياً يمثلون أقاليم مصر، وعلى رأسهم الإله أوزوريس إله الموتى، وكان قلب الميت يوضع فى إحدى كفتى ميزان، وفى الكفة الأخرى توضع ريشة تمثل الإلهة "معات" إلهة الصدق والعدالة، فإن خفت موازين المتوفي كان ذلك دليلاً على أنه طاهر فيكون مصيره الجنة، أما إذا ثقلت موازينه كان ذلك دليلاً على أنه آثم فيساق إلى العذاب والموت, فى ھذه الحال يكون فريسة لوحش يسمى "للكاسرة ": وتبدو عادة، فى ھیئة أسد له رأس تمساح، ومؤخرة فرس النھر؛ وسرعان ما تنقض على المتوفى لتلتھمه وتقضي عليه.




و من الأجزاء الأساسية في كتاب الموتى دعاء خاص يدافع به الميت عن نفسه : 
السلام عليك أيها الإله الأعظم إله الحق. لقد جئتك ياإلهي خاضعا لأشهد جلالك، جئتك ياإلهي متحليا بالحق، متخليا عن الباطل، فلم أظلم أحدا ولم أسلك سبيل الضالين، لم أحنث في يمين ولم تضلني الشهوة فتمتد عيني لزوجة أحد من رحمي ولم تمتد يدي لمال غيري، لم أكن كاذبا ولم أكن لك عصيا، ولم أسع في الإيقاع بعبد عند سيده. إني (ياإلهي) لم أوجع ولم أبك أحدا، وما قتلت وما غدرت، بل وما كنت محرضا على قتل، إني لم أسرق من المعابد خبزها ولم أرتكب الفحشاء ولم أدنس شيئا مقدسا، ولم أغتصب مالا حراما ولم أنتهك حرمة الأموات، إني لم أبع قمحا بثمن فاحش ولم أغش الكيل. أنا طاهر، أنا طاهر، أنا طاهر. وما دمت بريئا من الآثام، فاجعلني ياإلهي من الفائزين.”



هذا ليس الا ملخص بسيط لرحلة البعث في الديانة المصرية القديمة, وبالرغم من اختلاف مفاهيم الدين والالهة خلال 3000 سنة فترة حكم الفراعنة, ظلت هذه الاسطورة ثابته (يوجد بعض الاختلافات ) 

لمعرفة المزيد عن الاساطير المصرية والالهة المصرية القديمة.....تابعونا خلال المقالات القادمة. 

Written by: Mohamed Elmously
#M_Elmously
#TRex_Magazine

التعليقات
0 التعليقات